الأحد، 9 أكتوبر 2011

أحمد احب بلده

"وبعدين يا مدحت ؟" ..
قالها لي وهو يرتشف رشفة من كوب الشاي ثم يسرح ببصره بلا هدف .. 

نظرت له نظرة طويلة متفحصاً في تعبيرات وجهه .. ضاقت عيناه في تفكير عميق وتقطب  جبينه كما لو كان يحمل هموم الدنيا فوق رأسه ..

- وبعدين في ايه ؟
- في حال البلد .. انا مش مطمن .. المؤشرات كلها بتقول اننا داخلين على طريق مظلم ..
- يابني ليه بس التشاؤم .. ان شاء الله مفيش طريق مظلم ولا حاجة
نظر لي فجأة .. ورد في انفعال حقيقي :
- ياخي انا باحسدك على برود اعصابك .. ماحنا لو فضلنا ساكتين مابنعملش حاجة غير اننا نقول ان شاء الله .. البلد هاترجع اسوأ مما كانت .. لازم نتحرك.

هكذا أحمد دائماً .. دائماً يحمل هم البلد كما لو كانت ابنته الوحيدة .. منذ بدأت الثورة لا أتذكر اني رأيته يضحك من قلبه .. كانت ملامح وجهه تشي بما يشغل تفكيره .. كان يضحك وهو مهموم .. يمزح وهو مهموم ..

- طيب انتا شايف ايه الخطوة المناسبة اللي ممكن نعملها ؟
- احنا كل يوم بنخسر الشارع اكتر .. الناس البسيطة تعبت من عدم الاستقرار وارتفاع الاسعار والانفلات الأمني .. لازم نحاول نكسبهم مرة تانية 

لم يكن يتحدث عن مشكلة يعاني منها هو شخصياً .. فهو من عائلة ميسورة الحال على قدر لا بأس به من الثقافة .. مما اضفى على كلامه هالة من المصداقية زادتها الحرارة التي كان يتحدث بها 

-انا نفسي تبطل السوداوية اللي انتا فيها دي يابني .. الهم بيقصر العمر.
-يعني لو احنا ماشيلناش هم البلد مين هايشيله ؟ 

سكتْ للحظة مفكراً ثم استطرد قائلاً :
- احنا نعمل مظاهرات في الأحياء الشعبية .. نفكر الناس ان الثورة قامت عشانهم .. عشان يعرفوا ياكلوا ويأكلوا عيالهم .. عشان يعرفوا يتعلموا ويتعالجوا كويس .. ايه رأيك ؟

- والله فكرة مش بطالة .. نعرضها على بقية الشباب ونشوف ايه رأيهم
- طب يلا بينا نروح التحرير .. هما كلهم يا اما على البستان يا اما على البورصة 
-دلوقت ؟ .. يابني دا مشوار طويل أوي .. وبعدين ممكن على بال ما نوصل يكونوا مشيوا
- يابني يلا بس .. ان شاء الله نلحقهم

دائماً متحمس .. دائماً مهموم بالبلد ..

اذا ما اتفقنا على حضور مظاهرة كان هو أول من يصل .. من النادر جداً ان تتصل به لتسأله عن مكانه فلا يجيبك بجملته العتيدة : "أنا في التحرير"

لم يكن أحمد يعلم ان مكافأة اخلاصه لبلده وحبه الشديد لها هو المحاكمة العسكرية ..

أحمد علي امين المنشاوي .. اعتقل يوم الجمعة 30/9 امام وزارة الدفاع واحيل للمحاكمة العسكرية بتهمة لم يرتكبها اصلاً ..

أحمد احب بلده .. فهددوه يتدمير مستقبله ..

أحمد علي مهندس طيران وليس بلطجي

الحرية لأحمد علي ولكل المحاكمين عسكرياً


     
   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Bird Gadget