الأربعاء، 27 يوليو 2011

كيف انتصر المجلس العسكري في العباسية ..

من بداية الثورة والمصريين بشكل عام مقسومين اليى قسمين .. قسم مشارك في الثورة بالتأييد وقسم -مؤيد أو معارض- صامت .. لن أتحدث عن القسم المشارك المعارض لأنهم اما مأجورين أو معتوهين ..

كنا بنفرح أوي واحنا ماشيين في مظاهرة لما نلاقي حد بيحدفلنا من البلكونات مية او بسكويت .. كنا بنحس ان الناس بتشجعنا وبتأيدنا .. صحيح كنا بنهتف وبنتمنى انهم ينزلوا ينضموا لينا .. لكن اضعف الايمان الدعم المعنوي ..

المشكلة اننا كان عندنا قناعة داخلية -وبدون اتفاق مسبق- أن من لم يشارك في الثورة منذ يوم 28 يناير وحتى التنحي لن يشارك فيها بأي صورة بعد هذا التاريخ .. وأن الأغلبية الصامتة ستظل صامتة مهما حدث .. قد تكون مؤيدة للثوار أو معارضة لهم لكنها في كلتا الحالتين صامتة ..

ثم فوجئنا كلنا بانهيار هذة النظرية في احداث العباسية 23/7/2011

نجح المجلس العسكري في تحريك جزء من الأغلبية الصامتة ضد الثوار فدارت معركة شرسة اصيب فيها المئات ..
لكن خطورة هذة المعركة تتعدى تعداد المصابين .. فهذة هي المرة الأولى التي تتحرك فيها الأغلبية الصامتة بالتأييد أو بالمعارضة .. 
وفي ذلك اشارة خطر واضحة لم ينتبه اليها كثير من الثوار ..

ان خطاب المجلس العسكري الاعلامي يتسلل الي عقول الناس شيئاً فشيئ .. ومع مرور الوقت سيزداد حجم الكتلة المعارضة .. وسيفقد الثوار شرعية تحركاتهم .. ستفقد الاعتصامات شرعيتها .. وستفقد المظاهرات والمسيرات شرعيتها .. ثم -في أسوأ الفروض- سنتحول الى فصيل خارج على القانون يمارس البلطجة -!- وتعطيل مصالح الناس ..

المجلس استغل تقصير فادح من طرفنا ولعب عليه بشطارة ..

اهالي العباسية كنوا بداية .. من التالي .. والى متى ؟ .. الله اعلم 

اذا لم نتحرك سريعاً لاستعادة ثقة الناس وتعاطفهم مع مطالبنا .. فلا نلومن الا انفسنا.

الأحد، 24 يوليو 2011

كان عندي حلم ..

أنا عمري في حياتي ما نزلت مظاهرات قبل يوم 26 يناير .. وعشان كدة كنت مستغرب جداً أني نزلت بدون لحظة تردد أو تفكير فيما اذا كان نزولي ده خطوة صحيحة ولا خاطئه ..

أنا نزلت لأني كان عندي حلم ..
كنت بحلم ان بلدي في يوم من الأيام تبقى أعظم وأعدل وأقوى دولة في العالم .. كنت بحلم أن بلدي مايبقاش فيها حد جعان أو عيان أو نايم في الشارع .. كنت بحلم أن كل واحد في بلدي يبقى حاسس أن بلده بتحافظله على كرامته جوه وبره .. 

كنت بحلم أن التكنولوجيا تبدأ من عندنا وييجي العالم ياخدها منا .. أن ما يعتبره العالم رفاهيات يكون هو أسلوب حياتنا .. أن الناس تيجي من كل مكان في الدنيا عشان تتعالج عندنا أو تتعلم في جامعاتنا .. ويبقى الواحد فيهم فخور أوي ومنفوخ على اقرانه وهو بيقول "أنا خريج جامعة القاهرة أو عين شمس أو ... "

كنت بحلم أن المصري في كل بلاد الدنيا يتعمله ألف حساب .. محدش يقدر يدوسله على طرف لمجرد انه مصري .. أن يتسابق الناس لخدمته لمجرد انه مصري ..
أن ينظر العالم كله بعين الانبهار والغيرة لبلدي .. أن ينتظر موقفها ليحدد موقفه .. أن يرتعد لغضبها ويطلب رضاها .. أن يلجأ اليها طلباً للمشورة .. و يحتكم اليها فضاً للنزاعات .. أن تسير فيتبعها العالم ..

كنت بحلم أن يرتكز اقتصاد العالم على اقتصاد بلادي .. أن نزرع ونصنع ونخترع ونستحدث ونستبق ونطور ونصلح .. أن نقدم المعونات لمن يحتاجها .. أن يتمني الناس الهجرة إلى بلادي أو العثور على فرصة عمل بها ..

كنت بحلم أن يذكر التاريخ لبلدي وقوفها في جانب الحق .. وردعها للمتجبر .. وحنوها على المستضعف ..

كنت بحلم .. ولا أزال .

شهادتي لما حدث في موقعة العباسية 23/7/2011

كانت الساعة حوالي السادسة وخمس دقائق عندما وصلت الى الشارع المؤدي الى مسجد النور بصحبة صديقي عبد الرحمن وصديقه أحمد .. لما قربنا من الجامع لقينا الناس مقسومة نصين وبتحدف طوب وزجاج على بعض .. مكناش عارفين فين البلطجية وفين المتظاهرين .. كنا احياناً بنتراجع في عكس اتجاه مسجد النور واحيانا نضغط في اتجاهه .. لما الدنيا هديت شوية قلنا نقرب شوية عشان نشوف ايه اللي بيحصل عند الجامع .. بعديها بحوالي 10 دقائق لقينا الطوب اشتغل تاني واحنا ساعتها كنا تقريباً في وسط المسافة ما بين الطرفين .. انا وعبد الرحمن جرينا ناحية الجامع وأحمد جري العكس .. افترقنا عن أحمد ومشوفناهوش تاني الا لما رجعنا الميدان .. فضلنا انا وعبد الرحمن مع بعض معظم الوقت ومكناش بنفترق الا للحظات ونتقابل تاني ..

* معركة الطوب والمولوتوف

بدأت المعركة حوالي الساعة 7:00 وفضلت شغالة لحد بعد ما الأمن المركزي وصل بشوية ..
احنا كنا واقفين ضهرنا للجامع وعلى شمالنا كان في شارع جانبي كانت بتحصل فيه معارك جانبية بين المتظاهرين والبلطجية والمعركة الرئيسية كانت بتدور في شارع جامع النور .. كنا بنحاول نضغط لقدام على قد ما نقدر عشان نحمي الجامع والبنات اللي معانا اللي كانوا قاعدين عند الجامع .. نحميهم من الطوب وكسر الزجاج والكلام دا كله 

كانت معركة عنيفة بين الطرفين .. شفناهم بيستخدموا متاريس وصناديق مياة غازية عشان يحموا نفسهم من وابل الطوب .. اضطرينا نكسر بلاط الرصيف عشان نقدر ندافع عن نفسنا .. بعض من البلطجية طلعوا فوق اسطح العمارات اللي على الشمال وانتا مدي ضهرك للجامع وحدفوا علينا قوالب طوب من فوق السطح .. من وقت للتاني كانوا بيحدفوا علينا مولوتوف من الشارع الجانبي اللي على الشمال أو من الجنينة اللي على اليمين .. ماكناش شايفين بالضبط فين مصدر المولوتوف .. احياناً كان بيبقى في صوت انفجارات قوية من ناحيتهم بس ماقدرتش احدد بالضبط اذا كانت دي طلقات صوت أو طلقات حية .. واحدة من قنابل المولوتوف وقعت وسط تجمع من المتظاهرين والنار مسكت في رجل واحد منهم .. قنبلة تانية وقعت على عربية بيجو كانت راكنة والنيران التهمتها عن آخرها .. بذلنا كل جهدنا عشان نطفيها قبل ما تنفجر ..
أعداد الاصابات كانت كبيرة ومتنوعة بداية من كدمات في الرجل والبطن والظهر وحتى جروح قطعية في الرأس والوجه إلى جانب الكسور بمختلف انواعها

في اثناء المعركة كان الشيخ حسنين النجار بيخاطب المتظاهرين والجيش من خلال مكبرات صوت مسجد النور .. كان بيناشد المتظاهرين العودة الى ميدان التحرير حقناً للدماء .. كان بيناشد الجيش التدخل لحماية المتظاهرين .. كان صوته متأثراً ومؤثراً بشدة حتى أنه كان يبكي بشدة أثناء دعاءه .. تأثر الكثير من المتظاهرين بدعاءه فتركوا المعركة وأخذوا يؤمنون على دعاءه .. أتذكر اني كنت أبكى بشدة حينما كان يقول بصوت متهدج ( الشعب يقتل بعضه .. الشعب يقتل بعضه .. يا أهل مصر لا تتركوا شيطان الفتنة يعميكم .. يا أهل مصر احقنوا الدماء .. يا جيش مصر احمي اهلها من الفتنة .. يا جيش مصر احمي العزل المسالمين .. اللهم عليك بالحاكم الفاسد .. اللهم عليك بالحاكم الفاسد .. اللهم عليك بكل من اراد لمصر سوءاً .. اللهم اجعل كيدهم في نحورهم .. اللهم نجي مصر .. اللهم نجي مصر .. اللهم نجي مصر .. اللهم انصر اهل مصر على شياطينهم .. اللهم جمعنا ولا تفرقنا .. اللهم اقبضنا اليك غير مفتونين .. اللهم تقبل شهداءنا ........ )
ثم بدأ بقراءة القرآن بصوت حزين مدو كان يجلجل في المنطقة بأسرها ..

* انسحاب البلطجية ووصول الأمن المركزي 

 وصل الأمن المركزي حوالي التاسعة مساءاً وبدأ في نصب التشكيلات أمام صفوف البلطجية ..البلطجية فضلوا يحدفوا الطوب باتجاه المتظاهرين من أمام ومن خلف الأمن المركزي وهو كان واقف مابيعملش اي حاجة تجاه الطرفين .. شوية والمتظاهرين ضغطوا باتجاه الأمن المركزي والبلطجية فالأمن المركزي فتح طريق على أقصى اليمين عشان المتظاهرين يعدوا ناحية البلطجية وفضل واقف على الحياد .. بعد 10 دقائق تقريباً البلطجية اختفوا تماماً وتبقى الجيش ناحية مسجد النور والأمن المركزي في الناحية العكسية .. والمتظاهرين في المنتصف .. 
مزيج من كراهية المتظاهرين للأمن المركزي وموقفه السلبي تجاه البلطجية اللي كانوا واقفين في وسطه وبيحدفوا علينا طوب .. دفع المتظاهرين الى اخراج غضبهم وغلهم على جنود الأمن المركزي أنفسهم عن طريق سيل من الطوب والحجارة انهمر عليهم حتى ان صوت ارتطام الحجارة بدروعهم كان أشبه بصوت المدافع الرشاشة .. ظل الوابل مستمر لمدة عشر دقائق اخرى حتى خرج جنديين من وسط الدروع يحملون مدافع قنابل مسيلة للدموع .. فأطلقوا 5 قنابل بشكل متقطع باتجاه المتظاهرين .. مما دفعهم للتراجع باتجاه المسجد .. لم يكن المتظاهرين مستعدون للتعامل مع القنابل المسيلة مما أدى الى سقوط الكثير من حالات الاختناق .. 
مع بدء اطلاق القنابل افترقنا انا وعبد الرحمن وماكناش عارفين ندور على بعض لأننا كنا بنفتح عنينا وبنتنفس بصعوبة .. انا كنت عارف انه كان واقف في الصفوف الأمامية .. فكتمت نفسي ودخلت ادور عليه مالقيتوش .. نفسي ضاق بشدة فاضطريت آخد نفس وانا واقف وسط الغاز .. حسيت بسكاكين من نار بتقطع في صدري وحسيت بدوار عنيف .. جريت ناحية الجامع بس مقدرتش اكمل فوقعت على الأرض وانا حاسس باختناق شديد وزغللة في عيني .. نزلت على ركبي لقيت اتنين جم شالوني قصاد بعض ورجعوني ورا عند عربيات الاسعاف .. لقيت حد بيرش حاجة في بقي وعيني .. حسيت بتحسن خفيف والنتفس بقى اسهل .. قمت أدور على عبد الرحمن تاني .. قدمت بعد بوابة المسجد بشوية لقيته راجع من قدام وعينيه حمرا جداً وغرقانة دموع ..

*موقف الجيش

ولا اي حاجة .. من الأول للآخر الجيش كان واقف بيتفرج .. لم يتدخل الا ببعض اطلاق النار في الهواء واللي كان عامل زي بمب العيد .. محدش كان بيخاف ولا حتى بيبص ناحيته .. مفكرش يحمي المتظاهرين من البلطجية .. مما اعاد للأذهان ذكريات موقعة الجمل ..

*موقف الأمن المركزي
 كان -ياللعجب- واقف يتفرج .. محاولش يتدخل برضه لصالح اي طرف .. لكن احقاقاً للحق هو مضربش قنابل الا لما استحمى طوب

حوالي الساعة عشرة اتحركت أنا وعبد الرحمن وقررنا نرجع الميدان .. انضمينا لمجموعة صغيرة من الشباب ومشينا نهتف في الشارع .. ركبنا المترو وفضلنا نهتف جوة العربية .. نزلنا نهتف في المحطة .. وطلعنا نلف في ميدان التحرير واحنا بنهتف

انتهت الشهادة 

شهادة الشيخ حسنين 

نقطة على هامش الموضوع .. أنا عمري ما تخيلت في حياتي ان الغباء يصل بالمجلس لأن يصدروا بيان يتهموا فيه 6 ابريل بالعمالة . 


 

الخميس، 14 يوليو 2011

فوائد خطاب اللواء الفنجري

دعونا نعترف ان الثورة كانت قد حادت بالفعل عن مسارها ..
صحيح اننا بذلنا في الستة أشهر الماضية جهد خرافي لردها لمسارها الأصلي .. كنا ننجح في بعض الأحيان ولكن لكما غفلنا أو انشغلنا بأمور جانبية .. انحرف مسارها بعض الشيء ..

لن أدخل في تفاصيل ولكن يمكن القول أن ما قامت الثورة لهدمه مازال قائماً .. وأن ما قامت الثورة لبناءه لم نبدأ في بناءه بعد ..

ثم يأتي يوم 8 يوليو .. الذي ان دل على شيء فعلى أنها ثورة أراد لها الله أن تنجح فلا يهم اي شيء آخر .. ولعلك قد لاحظت بعض المشاهد أثناء الثورة وحدثت نفسك قائلاً : سبحان الله .. داحنا لو ماكناش عملنا التصرف الفلاني  ماكنتش الثورة نجحت .. أو : لو ماكانوش هما عملوا الحركة الفلانية كان زمانهم هما المنتصرين ..

مقتنع تمام الاقتناع أن الثورة تتحرك بيد الله .. وبما ان الله لا يريد لنا الا الخير .. فلا راد لنجاحها مهما كان ..

وأحدث مثال على الكلام ده ما حدث بين 8 الى 13 يوليو .. الثوار عادوا للاعتصام .. وقد كان امراً مطلوباً بعد ما اتأكدنا ان المجلس مابيمشيش غير بالشلاليت .. ثم بدأ التفكير في خطوات تصعيدية ، ومن هنا بدأت الثورة تحيد عن مسارها الأصلي مرة أخرى .. مروراً بغلق المجمع وقطع الكورنيش وحتى التفكير في قطع الممر الملاحي لقناة السويس - ! - وغلق البورصة ..

وكأنما غمامة قد نزلت على عيون المتظاهرين فمنعتهم من التمييز بين التظاهر السلمي وبين البلطجة .. فغلق مجمع التحرير بالقوة هو البلطجة بالتعريف .. وقطع الممر الملاحي لقناة السويس هو الأرهاب بالتعريف ..

ولأن الله كان قد أراد بالفعل للثورة أن تنجح .. فقد خرج علينا المجلس بخطاب اللواء محسن الفنجري .. والذي لم يكن لتأثيره علاقة بمحتواه أو حتى بالغرض الأصلي من اذاعته ..

* نظرة تحليلية للخطاب

خرج اللواء الفنجري بخطاب شديد اللهجة .. يحمل الكثير من الانذار والوعيد قائلاً أنه لن يسمح لأحد بالقفز على السلطة -في اشارة الى هتافات المتظاهرين بسقوط المشير والمجلس- .. وأن بعض التظاهرات قد انحرفت عن المسار السلمي -في اشارة ألى غلق المجمع وقطع الطرق- وأن الجيش لن يسمح باستمرار مثل هذة الأفعال التي تضر بمصالح البلاد العليا .. نص الخطاب

أنا واثق أن ما ترتب على هذا الخطاب هو الهام مباشر من الله لجميع الأطراف ..

فقد تنبه المعتصمون لحقيقة ما يفعلون .. وأدركوا أنهم لن يجنوا شيئاً من غلق المجمع سوى استعداء من ستتعطل مصالحهم جراء ذلك ..
 وأدركوا أن أحد الأسباب الرئيسية لنجاح ثورة 25 يناير أنهم كانوا دائماً في خانة المعتدى عليهم .. والنظام السابق كان دائماً في خانة المعتدي

فإذا بغلق المجمع ينقل الثوار الى خانة المعتدي ..  وبالتالي فقد اكتسبوا بالفعل سخط قطاع عريض من الشعب المصري .. حتى انه كان من الصعب حينها ان تركب اي وسيلة مواصلات دون أن تجد من يسب الثورة ويلعن الثوار ..

فقرر المعتصمون فتح المجمع وكان ذلك -في رأيي- لسببين :

1- ان غلق المجمع بالقوة يعطي الجيش الحق في التدخل لفض الاعتصام وفتح المجمع .. وقد كنا جميعاً مقتنعين وقتها انه اذا فشل هذا الاعتصام سواء بسبب الاختلافات بين القوى السياسية وبعضها .. أو بفضه بالقوة .. فقد اجهضت الثورة الى غير رجعة .. وبالتالي فتح المجمع يعيد الثوار الى مسار التظاهر السلمي .. ويضع الجيش في خانة المعتدي اذا قرر فض الاعتصام بالقوة

2- ان المتظاهرين لم يقصدوا حقاً ان يضروا بمصالح الناس .. ولعل هذا كان السبب الرئيسي في اعادة فتح المجمع

الأثر الثاني المباشر للخطاب هو الحشد .. 
فبالرغم من لهجة الخطاب الحادة وصيغته المتوعدة كان الغرض منها هو الترهيب والردع .. جاءت النتيجة عكس ما كان يأمله المجلس -كعادة المصريين تجاه هذا النوع من الخطابات والأمثلة كثيرة قبل تنحي مبارك- فقد زاد عدد المعتصمين في ميدان التحرير وجميع ساحات الاعتصام في مختلف المحافظات .. كرد مباشر على الخطاب مفاده : أن المصريين لا يستجيبون للتهديد وأنه لا أحد يستطيع أن يملي أوامره على الارادة الشعبية .. وأن ما يريده الشعب سيكون رغم أنف الجيش نفسه ..

ولعل المجلس قد أدرك مضمون الرسالة واستوعبه جيداً .. فآثر السلامة وقرر أن يستجيب لمطالب المعتصمين .. بداية من التعجيل بهيكلة وزارة الداخلية مروراً بعلنية المحاكمات وحتى التعديلات الوزارية المرتقبة .. والبقية -في ظني- تأتي ..

أهم ما تعلمه المعتصمون من كل ذلك أن القوة الحقيقة للثورة تكمن في سلميتها .. سلمية حقيقية .. وكلما تمسكوا بالسلمية زادت مصداقيتهم وزاد رصيدهم عند الناس .. وكان اصعب على أعداء الثورة مهاجمتهم بأي شكل كان ..

يتبع ..

الاثنين، 11 يوليو 2011

في التحرير ..

التحرير .. كلمة أصبح ليها معنى مختلف .. مجرد سماعها بيشغل في دماغي شريط من المعاني والمشاعر والذكريات ..

مظاهرة .. مليونية .. اعتصام .. جمال .. بلطجية .. قنابل مسيلة للدموع .. أمن مركزي .. شهداء .. طوب وكسر رخام .. صلاة الفجر في جماعة .. لجان شعبية .. اغاني منير والشيخ امام .. حلقات نقاش سياسي .. ابتسامة مرهقة .. هتافات بكل اشكالها .. فيس بوك وتويتر ..  التشهد قبل النوم وأول ما اصحى ..  مقشة وجوانتي .. رغيف عيش ومثلث جبنة .. رسومات على الأسفلت .. الدفء والأمان اللي بتحس بيه مع كل شروق شمس .. 

التحرير حالة ..

حالة كل اللي حس بيها مرة ادمنها .. واصبح البيات في التحرير بالنسبة له  أفضل من سريره الدافئ ووجبته الساخنة في بيته

في التحرير بتحس بالأمل بيشع من كل شخص تكلمه، بعد ما كنت حاسس باليأس بيشع من مصر كلها .. تقدر تشم الشجاعة والنبل والكرم في هواء الميدان

في التحرير مفيش ظالم ولا مظلوم .. المكان الوحيد اللي ممكن تنام فيه في الشارع وانتا مطمن ..  

التحرير هو الدولة اللي كل المصريين نفسهم يهاجروا ليها .. هو الدولة اللي بتحترم حقوق مواطنيها وآدميتهم .. وتحافظ على امنهم .. دولة مش محتاج تبقى غني فيها عشان تعرف تعيش .. دولة لا تتعامل بالعملة والنقود .. وانما تتعامل بالشعور المتبادل بالمسؤولية تجاه كل من حولك

جربت مرة تبقى نايم على الأرض بردان .. تلاقي واحد لا تعرفه ولا يعرفك راح مغطيك ببطانية من غير ما تطلب ؟
جربت تقسم ساندوتش مع اللي جنبك وتحس بالشبع لمجرد انه اكل معاك ؟

لأ ؟ .. طب ما تنزل وتجرب ؟ 

في التحرير سبق كوني لم يتكرر من قبل .. ولن يتكرر في اي مكان خارج مصر .. 

في التحرير  تغضب ضاحكاً .. تبكي ضاحكاً .. تشعر بالاحباط والارهاق ضاحكاً  


في التحرير ..

السبت، 2 يوليو 2011

كارثة في الطريق

الحمد لله خلصت امتحانات انهاردة .. 
الفترة اللي فاتت دي كنت منقطع تماماً عن اللي بيجرى في البلد .. اي حد في هندسة فاهم ليه طبعاً ..

المهم .. اكتشفت ان انقطاعي عن الأحداث ده ميزة مش عيب ..
عارف لما تبعد فترة عن حد من صحابك .. سنة كدة ولا حاجة .. لما تشوفه تاني بتلاحظ تغيرات في ملامحه عن آخر مرة شوفته فيها .. بتلاحظ حاجات ماكنتش هاتلاحظها لو كنت بتشوفه كل يوم ..

آخر عهدي بأحداث ما بعد الثورة كان لما كل الناس كانت بتحيي وتشكر شباب الثورة على دورهم العظيم وتضحياتهم العظيمة واخلاصهم العظيم لبلدهم .. وبعدين بعدت عن المشهد لمدة شهر واحد .. ورجعت شفت مشهد مختلف تماماً ..

الداخلية ضربت ناس في قلب ميدان التحرير بالقنابل المسيلة للدموع .. ودلوقت بقى اي حد بينزل ميدان التحرير بيتقال عليه بلطجي .. حتى لو كان من أسر الشهداء ..

 حاسس انني ركبت آلة زمن ورجعت 6 اشهر لورا .. 

 ازاي اصلاً الأمن المركزي يدخل ميدان التحرير تاني ويضرب قنابل مسيلة للدموع عشان يطرد الناس .. بعد الثورة

تحس ان ضباط الأمن المركزي اما في قمة الغباء او في قمة السادية .. وفي كلا الحالتين اكيد مكافحة الشغب مش المكان المناسب ليهم .. 

 ازاي كده ؟  .. بعد الثورة خد بالك

 طب ازاي كده ؟ .. بعد الثورة برضه

ولو اني مبحبش الوفد .. بس اكيد مافيش دخان من غير نار .. يبقى ازاي كده ؟  

 وقبل ما نتهم حد بالكذب .. لازم ندور على الدافع من وراء كذبه الأول .. واكيد محدش هايكسب حاجة لما يتبلى على الداخلية .. يبقى ازاي كدة ؟

تقدر تقارن بين الداخلية قبل الثورة ودلوقت؟

انا عايزك ترجع بضهرك لورا وتبص للصورة من بعيد شوية .. وبعدين رد على سؤال بسيط ..


احنا بجد عملنا ثورة ؟



عندي شعور عنيف بأن في كارثة هاتحصل .. شعور بيعصرني عصر .. 

الكارثة دي حاجة من اتنين :

1- الثورة هاتتسرق مننا .. ودا بيحصل فعلاً بس شوية شوية .. واحنا للأسف نايمين على وداننا ومشغولين اوي بالدستور الأول ولا الانتخابات الأول ..

2- اننا ناخد بالنا من اللي بيحصل متأخر .. وساعتها لو حاولنا ننقذ الموقف .. هنلاقي نظام جديد-قديم كامل واقف في وشنا .. ونبقى بنعيد الكرة من جديد مع اختلاف بسيط .. اننا مش هنلاقي جنبنا الناس اللي خايفة من الانفلات الامني أو الناس اللي خايفة على اكل عيشها .. ببساطة هانبقى واقفين لوحدينا .. وتهم البلطجة و "تعطيل عجلة الانتاج" و "تهديد الاستقرار" -مش واخد بالك انتا- جاهزة ومستنيانا ..

 احساسي بالغضب اكبر بكتير من احساسي بالاحباط .. حاسس نفس الشعور اللي حسيت بيه يوم 28 .. بالرغم انه من يوم ما عدى وانا بادعي ربنا مانشوفوش تاني ..

انا مش ناوي اعيش لحد ما الاقي البلد رجعت لنقطة البداية .. ياما اخدلي عصاية على دماغي في فض مظاهرة .. او اتخنق من دخان قنبلة .. او اخدلي رصاصة مطاطي "اصابة خطأ" .. أو حتى يتقبض عليا بتهمة التحريض أو البلطجة واخدلي عشرة خمستاشر سنة في سجن حربي .. اي حاجة غير ان البلد تبقى بتغرق تاني وانا عايش وحاضر لحظة غرقها ..

العمر واحد والرب واحد .  

وللحديث بقية .. 
Twitter Bird Gadget